– نرفض تسوية القتلة و الإنتهازيين و طريق الثورة هدى الثوار
– والتسوية ساقطة لا محالة و واجبنا هو مزيداً من المقاومة.
ظللنا في تنسيقيات لجان مقاومة مدينة الخرطوم و لجان المقاومة في مختلف المناطق وقوى الثورة الحقيقية بجميع تكويناتها التي تنامت وربت طوال أربع سنوات حسوماً منذ انطلاق شرارة ديسمبر 2018، ننادي ونعمل من أجل الحرية والسلام والعدالة كشعارات راسخة يتحقق بتطبيقها وعد الشهداء والجرحى وحقوق ضحايا نظام الإنقاذ في جميع مناطق السودان، ولم تكن تلك الشعارات وليدة الأهواء والرغبات المستكينة، بل كانت ولا تزال مستنبطة من معاناة وآلام ودماء بُذلت وأحلامٍ وأمانٍ تقاوم محاولات إجهاضها المستمرة.
إن ثورة ديسمبر المجيدة لن تتحقق بغياب العدالة التي يجب أن تطال كل من أجرم في حق الشعب السوداني الآن واليوم وليس في الغد، ولن يكتب لها النجاح بالاستمرار في اتفاقيات سلام تختزل معناه ومبناه في محاصصة للسلطة وتقسيم للموارد بين جيوب قيادات لا تنظر لإيقاف الحرب إلا كغنيمة مستلبة ومنفعة شخصية، وستنهزم في وجود منظومة أمنية يضربها السوس ويطوّقها سوء الطوية، كما لن تجتاز خط النهاية تحت سيطرة منظومة عدلية بائسة قوامها النظام المجرم ذاته؛ فكيف يكون الخصم هو الحكم وكيف تجوز محاكمة من يقاضي وهو جاني؟!
إن ما أُعلن عنه في مسار التسوية السياسية الحالية يبين بجلاء أين توجد مكامن العلة، وأما رفضنا لما يجري الآن فهو يقوم على فهم دقيق للأزمة، فنحن نرى بوضوح عيوب المنهج المتبع قبل رؤية نقيصة المحتوى المشوَّه، وهو فهم مستخلص من تجربة عظيمة، خضنا فيها النضال عبر محطاته العديدة بصدق وتجرد وبذل شاهق شهد به العدو قبل القريب، في الوقت الذي كانت أيدي العابثين من قوى الحرية والتغيير تتلاعب بالقضايا الجوهرية للثورة، لتجلس بين صفوف الثوار في المد وترتد عنهم ساعة الضيق، في مسلك ينم عن انتهازية ينتفي معها صدق النوايا.
إننا وبكل وعي وإدراك، نقاوم من أجل السلام العادل الشامل والمستدام الذي يخاطب جذور الأزمة التاريخية في بلادنا، ويقود إلى التغيير الجذري الشامل للمفاهيم قبل التطبيق، والذي يبدأ بتوفير العيش الكريم والأمن والحرية للسودانيين بكل أطيافهم، وبلجم آلة قتل المدنيين العزل في مناطق السودان كافة، ويعمل على تحويل تكلفة الرصاص والبمبان والسلاح نحو مسارات الاستقرار والبناء والإعمار، ولإعادة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم، ولتعويض الضحايا أفراداً وجماعات.
إن تحويل مشروع الثورة السودانية السلمية العظيمة لمشروع تسوية سياسية تعترف بالمجلس الانقلابي وتعطيه حق المشاركة في تحديد مصيرها، لا يدخل في باب الخيانة العظمى من أفراد فحسب، فهذا أمره محسوم وقدره محتوم، ولكنه يقصم من ظهر الثورة قواعداً ثورية تنسلخ بغير هدى لتسهم في تبديد تطلعات السودانيين في تحقيق أهدافها التي تشمل بالضرورة إسقاط أسلوب المساومات الضار، لمصلحة المواجهات المفضية لانتصار نهائي ومنصف يجدر بعطاء جيل مستجيش بدمه وروحه، وبمواكب جسورة مستمرة حملت عهد الشهداء قبل أن تحمل جثامينهم نحو المقابر.
إن إسقاط الانقلاب أولاً وتشكيل حكومة انتقالية مدنية من مستقلين هو مدخل الحل الحاسم للأزمة الوطنية وانتفاء مسبباتها، وما تسويات النخب وتجريب المجرب والإصرار على تجاهل البطولات العظيمة والتعامي عن السخاء في الصدام، إلا طوفاً من العجز والاستكانة والرؤية العاجزة الضنينة من مجموعة من السياسيين والحزبيين الذين لم يحسنوا للثورة ولم يعتنوا بالبسالات والنضالات والعزم الصميم.
إننا في تنسيقيات لجان مقاومة مدينة الخرطوم ندعو لجان المقاومة المختلفة في كل ربوع السودان لمواصلة طريق الثورة السلمية الباذخة بالتصعيد الثوري المستمر الذي لا هوادة فيه، فما محاولات إجبارنا على قبول التسوية إلا ثغرة لولوج وحش متعدد الرؤوس للنظام الإسلاموي الذي يغوص حتى رأسه في التسوية هنا، ويهز رأسه الثاني عبر واجهاته المفضوحة مدعياً الرفض والمقاومة هناك، وتطل رقبته ثالثة الأثافي فوق جدار المحاور الإقليمية والدولية لتستنزف موارد البلاد وأرضها لمشاريع تزيد من إفقار الشعب ومعاناته، لتحط به في درك سحيق، وتطيل أمد الاستبداد والظلم وتحكم حلقات التآمر لكي لا يكون للثورة عنوان، فنحن أقسمنا على صدر عموم الشهداء والجرحى الشرفاء أن الصبح لنا وأن قضيتنا وطن نذود عنه بأرواحنا ولا نحيد.
و ليسقط كل من خان..
تنسيقيات لجان مقاومة مدينة الخرطوم
3 ديسمبر 2022